السجود على التربة الحسينية

أعتبرت الشريعة الاسلامية الصلاة ركناً من أركان الدين الإسلامي، وشرّعت للصلاة صورتها المطلوبة والتي تتكوّن من :

1 ـ أركان
2 ـ أجزاء
3 ـ شروط
مطلوب توفرها، لتكون الصلاة صحيحةً عند المشرّع سبحانه وتعالى.
والسجود ركن من أركان الصلاة الواجبة والمسنونة في الإسلام بلا ريب، بل هو أفضل أجزاء الصلاة وهو من أوضح مظاهر العبودية والانقياد والتذلل من قبل المخلوق لخالقه، وبه يؤكّد المؤمن عبوديته المطلقة لله تعالى.

ولا خلاف بين المسلمين جميعاً في أن مَن يُسجد له هو الله سبحانه وتعالى دون غيره، وهو من ضروريات الدين التي يكفّر منكرها ويخرج من حظيرة الإيمان.

وأما ما يجوز أن يسجد عليه، فقد اتّفق المسلمون جميعاً بمختلف مذاهبهم على صحة السجود على الأرض وترابها ، بل على أفضلية السجود على تراب الأرض، حسبما وردت به النصوص النبوية الشريفة.
وستثبت لنا الامور التالية :
اولاً : الموقف الشرعي من السجود على الأرض وترابها.
ثانياً : حكم السجود على ما أنبتته الارض مما لايؤكل ولايلبس ومما يؤكل ويلبس.

النصوص الواردة حول ما يسجد عليه

جاء في الصحاح الست ( الكتب المعتبره لاستنباط الاحكام الشرعية عند اخواننا السنه) ، من سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يلي :
1ـ جعلت الارض لي مسجداً وطهوراً، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء . ( صحيح البخاري: ج1/ص86 و ص113 ، صحيح النسائي : ج2/ص32 ، صحيح أبي داود : ج1/ص79 ، صحيح الترمذي : ج2ظ114 ، السنن الكبرى : ج2/ص433 و ص435 .)
2 ـ الأرض لك مسجد فحيثما أدركت الصلاة فصلّ ، قالها (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر.(صحيح النسائي:ج2/ص 37)
3 ـ ابن عباس قال ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سجد على الحجر. ( الحاكم في المستدرك : ج3 /ص 473)
4 ـ جابر بن عبدالله ، قال كنت أصلي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفي لتبرد حتى أسجد عليه من شدة الحر. ( مسند احمد : ج1/ص ص327 ، السنن الكبرى للبيهقي : ج2/ص 105 )
5 ـ أنس بن مالك : كنا نصلي مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في شدة الحر فيأخذ أحدنا الحصباء في يده فغذا برد وضعه وسجد عليه( السنن الكبرى : ج2/ص 106).
6 ـ دخل ابو سعيد الخدري على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فوجده يصلي على حصير ويسجد عليه. ( صحيح مسلم : ج2/ ص62)

هذا خلاصة ما ورد في الصحاح والمسانيد فيما يجوز السجود عليه .

لقد ورد الأمر بالترتيب في النصوص الشريفة ، والأمر الدال على الأفضلية والمطلوبية إن لك يكن دالاً على الوجوب.
عن خالد الجهني : قال : رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صهيباً يسجد كأنه تقي التراب ، فقال له " ترّب وجهك يا صهيب" . ( المتقي الهندي في كنز العمال : ج 7 / ص 465 برقم 19810)
والظاهر ان صهيباً كان يتقي التراب بالسجود.


التربة الحسينية


كان الأوازعي وهو أستاذ أبي الحنيفة ، إذا اراد السفر من المدينة حمل معه طينة منها ليسجد عليها فسُئل عن ذلك ، فقال : أفضل بقعة في الأرض هي البقعة التي دفن عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحبّ أن يكون سجودي لله تعالى عليها.


* أن الغاية المتوخّاة من السجدة على تربة كربلاء إنما تستند الى أصلين قويمين، وتتوقف على أمرين قيمين:
أولهما : استحسان اتخاذ المصلي لنفسه تربة طاهره طيبة يتقين بطهارتها ، من أي أرض اُخذت ، ومن أي أرجاء العالم كانت ، وهي كلها في ذلك شرع سواء ، لا امتياز لاحداهن على الأخرى في جواز السجود عليها، فيتخذ المسلم صعيداً طيباً يسجد عليه في حله وترحاله ، وفي حضره وسفره ، ولاسيما سفره.

فأي مانع من أن يتخذ المسلم من تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها يسجد عليها لدى صلاته؟
حذراً من الرجاسة والنجاسة والأوساخ التي لا يتقرب بها الى الله قطّ

* ان قاعدة الأعتبار المطردة تقتضي التفاضل بين الأراضي ، بعضها على بعض ، وتستدعي اختلاف الآثار والشؤون والنظرات فيها .
جاء في الحديث :
قالت أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها: "ثم اضطجع _رسول الله (ص)_ فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يُقبّلها، فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ قال: أخبرني جبرائيل أن ابني هذا _يعني الحسين(ع)_ يُقتل بأرض العراق، فقلتُ لجبرائيل: أرني تربة الأرض التي يقتل بها، فهذه تربتها".

نسأل هنا : ما الذي دعا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) الى أن يبكي على ولده الحسين السبط، ويأخذ تربة كربلاء ويشمّها ويقبلها؟
ما الذي سوّغ للصديقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) أن تأخذ تربة قبر أبيها الطاهر وتسمّها ؟

فما ضنك بتربة هي مثوى قتيل الله ، وقائد جنده المتفاني دونه ؟
الباذل دون سبيله أهله ونفسه ونفسه ، والناشر لتوحيد الباري وتحكيم معالمه وتوطيد طريقه وسبيله؟

أليست تربة الحسين ارضاً وطهوراً؟
أليس اجدر بالتقرب الى الله وضع الوجه والجباه على تربة في طيّها دروس الدفاع عن الله؟
اليس الحسين سبط الرسول ومن رسم للكل اجل معاني الدفاع عن ناموس الاسلام المقدس؟
أليس الامثل والأفضل اتخاذ المسجد من تربة تفجرت في صقيحها عيون دماء اصطبغت بصبغة حب الله؟

اخيرا نقول ليس اتخاذ تربة الحسين مسجداً لدى الشيعة من الفرض المحتم ، ولا من واجب الشرع والدين ، ولا مما ألزمه المذهب . . .
على خلاف ما يزعمه الجاهل بهم وبآرائهم . . .

ان هو الا استحسان عقلي ليس إلّا . . . واختيار لما هو الأولى بالسجود عليه لدى العقل والمنطق. . .
نستمد في قضيتنا من نهضة خالده كانت رمز للدفاع عن قدسية الاسلام وفي طيات اختيارنا مسألة عقائدية وتربوية . . . لذا لم تكن فقط من المفاضلات وحدها.